مراسي سفينة سيدنا نوح عليه السلام
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مراسي سفينة سيدنا نوح عليه السلام
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كان السومريون أول من دوَن أحداث ملحمة الطوفان, وجاء في خلاصة النصوص السومرية عند الدكتور أحمد سوسة في كتابه تاريخ وحضارة وادي الرافدين (إن الآلهة هي التي أحدثت الطوفان نتيجة لفساد البشر وآثام الإنسان وخطاياه، فعزمت الآلهة على محوه من الوجود بإرسال طوفان كبير على هذه الأرض) وذكر أيضاً أن حادثة الطوفان وقعت في العراق الجنوبي مع أواخر الألف الثالث قبل الميلاد... قال تعالى (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً) (الفرقان:37).
في منتصف شهر (أيار) مايو من سنة 1948م اكتشف أحد رعاة الأغنام من الأكراد واسمه رشيد سرحان (Reshit Sarihan) سفينة سيدنا نوح ـ عليه السلام ـ وبقايا من أخشابها مطمورة في رسوبيات مياه عذبة في قمة جبل (الجودي)., وكان الراعي رشيد من سكنة قرية Nisir «Nasar» التركية, والمدهش هنا أن اسم هذه القرية مطابق تماما للاسم البابلي للقرية العاصية التي كان يسكنها سيدنا نوح.
وفي الأعوام التي تلت عام 1953 قامت عدة بعثات أثرية بزيارة موقع جبل الجوديَ Mt.Cudi (Judi) في تركيا, وعاينت الأخشاب المتحجرة للسفينة, وفحصتها بنظير الكاربون المشع للتعرف على عمرها الحقيقي, ووجدت أنها صنعت قبل حوالي 4500 سنة , وان هذا التقدير العمري المبني على قراءات أجهزة الفحص الفيزيائية يتطابق تماما مع ما ورد في المدونات السومرية. بيد أن الفضل الكبير في اكتشاف أسرار وخبايا الموقع الذي رست فيه سفينة نوح (عليه السلام)NOAH’S ARK, والتوسع في شرح التفاصيل الدقيقة المتعلقة بتلك السفينة ورحلتها الأسطورية, يعزى إلى الباحثين ديفيد فاسولد David Fasold و رون وايت Ron Wyatt, ويعزى أيضا إلى جهود البروفسور التركي أحمد أرسلان الذي تسلق جبل الجودي أكثر من 50 مرة على مدى 40 عام لاستطلاع موقع السفينة, حيث جاءت إحداثيات الموقع المكتشف تحت جبل الجوديّ مطابقة تماما للموقع الذي ورد ذكره في القرآن الكريم. قال تعالى (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود: 44).
وكانت الصور التي رسمتها أجهزة الرادار على عمق خمسة وسبعين قدماً أسفل الجزء الخلفي من السفينة واضحة جداً لدرجة أنه يمكن عد أضلاع السفينة والتعرف على سطوحها وقواطعها الداخلية.
وقد تناول العلماء دراسة وفحص معظم أجزاء السفينة وتوصلوا إلى مجموعة من الحقائق المبنية على الأسس العلمية الصحيحة, إلا أننا سنتطرق هنا إلى موضوع المراسي (المخاطيف) التي استخدمت في السفينة. فقد كان السومريون أول من صمم المرساة البحرية, وأطلقوا عليها اصطلاح (أنجر)، وكان الغرض من ابتكار المرساة تثبيت السفينة. وتلفظ الجيم فيه على أصلها السامي. وقد رصد الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري هذه اللفظة، وصرح بعراقيتها.
قال: (والأنجر مرساة السفينة، وهو اسم عراقي)، و يعود هذا اللفظ إلى الجذر (نجر)، ومعناه معروف. وقد فصل الخليل طريقة صناعة الأنجر واستخداماته، وزعم أن اللفظ عراقي بدليل على عدم سماعه له في غير العراق، ومعروف سكنى الخليل في البصرة، ومنها اطلع على كثير من الألفاظ العراقية التي رصدها في معجمه (العين).
وورد في معجم مختار الصحاح:
(رَسَا الشيء ثبت وبابه عدا, و مَرْسىً أيضا بفتح الميم, ورَسَتِ السفينة وقفت على الأنجر وبابه عدا وسما , قال الأزهري في (ن ج ر) الأنجر مرساة السفينة وهو اسم عراقي). وقد تبين لنا من خلال البحث في هذا الموضوع أن هذه التسمية لها جذور عميقة في اللغات العراقية القديمة الضاربة في عمق التاريخ, فهي من رواسب اللغات السومرية والاكدية والآرامية, إذ ورد في CAD(1) p: A18 & E11 مادة Angurrum، وتلفظ Engurrum أيضا، وتعني الثقل الغاطس تحت الماء، ومما يقوي هذا الرأي ورودها في اللغة المندائية أيضا Angara، بمعنى الأنجر(M،p:25).
وقد تسرب اللفظ إلى الإنجليزية، بتغيير بسيط لا يكاد يذكر، فهم يطلقون على المرساة Anchor نقلاً عن العربية وتلفظ (أَنْكَرْ)(2), وتسربت قبلها إلى اللاتينية ومنها إلى اليونانية حيث يطلقون على المرساة (nkara), ولا ندري متى تسرب هذا اللفظ إلى كل لغات العالم المتحضر؟!, لكن الثابت لدينا أن هذه الكلمة مقتبسة من لغات حضارة وادي الرافدين (الميزوبوتيميا), وهو المكان الذي صنعت فيه سفينة سيدنا نوح وانطلقت منه.
أما الفعل (رسا), (يرسو), (رسوا), و(رسوا), فمعناه ثبت وقر, من مثل قولهم (رست السفينة), أي توقفت عن الحركة في الماء على الأنجر (وهو مرساة السفينة), وفي هذا المعنى يقول ربنا (تبارك وتعالى) في محكم كتابه: }وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ| (هود: 41).
وكان أَنْكَرْ السفينة يصنع في العراق وحوض الخليج العربي بأن تؤخذ خشبات يخالف بينها وبين رؤوسها وتشد أوساطها في موضع واحد، ثم يفرغ بينها رصاص منصهر, فيصير كأنه صخرة ورؤوس الخشب ناتئة, وهناك نوع آخر من مراسي السفينة يطلق عليه محليا (السن), وهو عبارة عن قطعة من الحجارة الصلبة, مثلثة الشكل يثقب طرفها المدبب لكي توضع فيه سلسلة حديدية قصيرة، كما تثقب قاعدته لكي توضع حديدة السن التي ترتفع قليلا عن سطحه من الجهتين لتمسك بقيعان البحر, ويربط السن بحبل طويل يعرف باسم (الخراب) لكي يمسك السفينة عندما تصل إلى المرسى. وقد تم العثور على عدد من هذه المراسي المصنوعة من الحجارة قرب موقع سفينة سيدنا نوح على جبل الجودي في تركيا, لكنها أكبر من حيث الحجم من النوع الذي استخدمته السفن الخليجية القديمة.
كانت المرساة البحرية أول القطع التي اكتشفت على مشارف جبل الجودي. حيث عثر العلماء على عدد كبير من المراسي المصنوعة من الأحجار الكبيرة قرب قرية قازان التركية Kazan. وهذه القرية (وتعني بالعربية الوعاء الكبير) تقع شمال صخرة عملاقة يطلق عليها تسمية باللغة التركية (مثوى الأبطال), يعتقد بأنها استخدمت كمرسى مؤقت لسفينة سيدنا نوح بانتظار ظهور منطقة صالحة كمرفأ. في حين أكد الطوبوغرافيون إن قيام السفينة بإلقاء مراسيها قرب جبل الجودي Mt. Cudi (Judi), وعلى مقربة من الصخرة العملاقة, يمثل اقتراب موعد نهاية الرحلة الملحمية, ووصول السفينة إلى بر الأمان.
وعثر في قرية تركية يطلق عليها اسم (قرية الثمانية) على العديد من المراسي الحجرية مبعثرة على ارتفاع آلاف الأقدام فوق مستوى سطح البحر, وعلى بعد مئات الكيلومترات من أقرب ساحل بحري, وقد حفر على بعضها علامة الصليب (ثمانية صلبان), ويعود حفر علامة الصليب إلى الفترة البيزنطية وإلى فترة انتشار الديانة المسيحية في المنطقة للدلالة على أن أتباع السيد المسيح ـ عليه السلام ـ اكتشفوا هذه المراسي الحجرية وتعرفوا عليها في الحقبة التي سبقت ظهور الإسلام.(3)
في البداية عثر الفريق الاستكشافي على 13 مرساة مبعثرة على امتداد خط افتراضي متجه إلى موقع سفينة سيدنا نوح (عليه السلام) مما يدل على أن سيدنا نوح باشر بتقطيع حبال المراسي والتخلص منها عندما أحس بانحسار الماء قبيل جنوح سفينته في الموقع الذي استقرت عليه, فقد أمر الله الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تُقلعَ عن المطر، (وَغِيضَ الْمَاءُ) أي:شرع في النقص، (وَقُضِيَ الأمْرُ) أي:فُرغَ من أهل الأرض قاطبة، ممن كفر بالله، لم يبق منهم دَيّار، (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وأبقى الله سفينة نوح ـ عليه السلام ـ على الجُودي عِبرة وآية للناس جميعا، وكم من سفينة قد أبحرت بعدها فهلكت، وصارت حطاما.
وعلى مقربة من قرية الثمانية تقع قرية أخرى يترجم اسمها إلى (لن يصمد الغراب), تعقبها قرية أخرى يطلق عليها محليا اسم يترجم إلى (هنا تم عكس المجاديف), إن هذه القرى الثلاثة والتي تقع على امتداد الخط الواصل إلى موقع السفينة, والتي تحمل أسماء تاريخية توثق الوقائع التي حدثت على ظهر السفينة قبيل استقرارها على الجودي, تعتبر بمثابة دلائل أكيدة على خط سير السفينة قبيل جنوحها, فقد مرت السفينة من هنا واجتازت النقاط الثلاثة التي حملت توقيع ربان السفينة (سيدنا نوح), ويمكننا الاستنتاج أيضا أن السفينة بدأت بتخفيض سرعتها والاستعداد للجنوح الآمن على منطقة ملائمة لها تماما بإذن الله. (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (سورة هود: 48). كانت كل مرساة مثقوبة من الأعلى بطريقة تنم عن دراية ودقة في الصنع, ولا نعرف لحد الآن نوع التقنيات التي استخدمت في التثقيب.
وعثر لحد الآن على 13 مرساة من أصل 24 مرساة يفترض العلماء وجودها على ظهر سفينة نوح (عليه السلام), أما مرابط المراسي الموجودة على السفينة فهي عبارة عن مقاطع اسطوانية مصنوعة من الحديد ثبتت على جسد السفينة في أماكن منتخبة بعناية, ويبدو أن المراسي الحجرية هي التي كانت سائدة في العصور القديمة, فقد تم العثور على مرساة حجرية فرعونية مرمية على الساحل اللبناني تزن 188 كيلو غرام ونصف الكيلو, وتعود إلى عام 2200 قبل الميلاد, وهذه المرساة الحجرية محفوظة الآن في المتحف الوطني ببيروت, وعثر على الكثير من المراسي الحجرية في مناطق متفرقة من سواحل البحر الأبيض المتوسط وكانت أوزانها تتراوح بين 700 ــ 500 كغم, ويتراوح ارتفاعها بين 1,1 ــ 1,2 متر, وتميزت المراسي البابلية القديمة بصغرها وشكلها المثلث, أما المراسي الفولاذية فلم يتم استخدامها إلا بعد عام 1200 قبل الميلاد, وتتناسب أوزان المراسي الحجرية تناسبا طرديا مع حجم السفينة, فكلما كانت السفينة أكبر حجما كانت مراسيها الحجرية أكبر وزنا.(4)
لكن المراسي الحجرية التي تم العثور عليها في موقع سفينة نوح (ع) تضاهي من حيث الوزن والحجم جميع المراسي الحجرية التي عثر عليها لحد الآن, إذ يبلغ معدل ارتفاع مراسي سفينة نوح حوالي 2,5 متر, في حين تتراوح أوزانها بين 4 إلى 10 أطنان, ويؤكد الباحث ديفيد فاسولد, وهو من أبرز المستكشفين الذين تخصصوا في هذا الموضوع ,على أن هذه المراسي هي التي أشار إليها الله تعالى في محكم كتابه في سورة هود, وهي تمثل إحدى معجزات القرآن الكريم(5), (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (هود 41).
الموقــع الدقيــق لسـفينة سيدنا نــوح ومراسيها
خط الطول
خط العرض الارتفاع
موقع مراسي السفينة 43 559 39 537
موقع مقدمة السفينة 39 526 44 514 6,575 ft
موقع منتصف السفينة 39 526 44 514 6,524 ft
موقع مؤخرة السفينة 39 526 44 514 6,449 ft
واقتصرت وظيفة المراسي الحجرية الثقيلة لهذه السفينة العملاقة على ضبط توازن السفينة, والمناورة الملاحية المحدودة, وضمان صمود السفينة بوجه الأمواج العاتية, وعلى الملاحة المتقاطعة مع التيارات العرضية. لكن الأسئلة المحيّرة الذي اقَضَت مضاجع الباحثين, هي: كيف صنعت هذه المراسي الحجرية؟, وما هي الوسيلة المستخدمة في رفعها والتحكم بها؟؟, وكيف تم تجهيز السفينة بهذه الأحجار الصخرية الثقيلة, والتي لم تكن موجودة في جنوب وادي الرافدين, وما هي التقنية التي اعتمدت في تثقيبها. ويأتي الجواب الإلهي واضحا دقيقا في القرآن الكريم, إذ ينادي النبي الكريم نوح ربه فيأتيه الفرج (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً، فالتقى الماء على أمر قد قُدِرَ، وحملناه على ذات ألواح ودسرٍ) وتصور معي بقلب بصيرتك كيف تدفق الماء من السماء بما لا يتخيله البشر، وأن الأرض كلها تفجرت أنهاراً ضخمة تخرج ما في بطنها من ماء يعلو ويعلو ..
إن أكبر السفن سوف تغوص ويبتلعها البحر مهما كانت ضخمة الحجم ومحكمة الصنع حين تتجاذبها أمواج كالجبال (وهي تجري بهم في موج كالجبال)، بل تكسرها بلطمة من موجة عملاقة فتحطمها، فكيف وأنهار بل بحارٌ من ماء السماء تتصل ببحار الأرض؟!! وأنى لهذه السفينة البدائية إذا ما قورنت بسفن هذا العصر العملاقة أن تظل فوق الماء وبين الماء دون أن تتلاشى؟! ...
إن رب الماء والأرض والسماء يقول: (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا) وقال في مسير الفلك بأمانه سبحانه (تجري بأعيننا) إنها رعاية الله وعنايته ورحمته بالمؤمنين(6).
كان السومريون أول من دوَن أحداث ملحمة الطوفان, وجاء في خلاصة النصوص السومرية عند الدكتور أحمد سوسة في كتابه تاريخ وحضارة وادي الرافدين (إن الآلهة هي التي أحدثت الطوفان نتيجة لفساد البشر وآثام الإنسان وخطاياه، فعزمت الآلهة على محوه من الوجود بإرسال طوفان كبير على هذه الأرض) وذكر أيضاً أن حادثة الطوفان وقعت في العراق الجنوبي مع أواخر الألف الثالث قبل الميلاد... قال تعالى (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً) (الفرقان:37).
في منتصف شهر (أيار) مايو من سنة 1948م اكتشف أحد رعاة الأغنام من الأكراد واسمه رشيد سرحان (Reshit Sarihan) سفينة سيدنا نوح ـ عليه السلام ـ وبقايا من أخشابها مطمورة في رسوبيات مياه عذبة في قمة جبل (الجودي)., وكان الراعي رشيد من سكنة قرية Nisir «Nasar» التركية, والمدهش هنا أن اسم هذه القرية مطابق تماما للاسم البابلي للقرية العاصية التي كان يسكنها سيدنا نوح.
وفي الأعوام التي تلت عام 1953 قامت عدة بعثات أثرية بزيارة موقع جبل الجوديَ Mt.Cudi (Judi) في تركيا, وعاينت الأخشاب المتحجرة للسفينة, وفحصتها بنظير الكاربون المشع للتعرف على عمرها الحقيقي, ووجدت أنها صنعت قبل حوالي 4500 سنة , وان هذا التقدير العمري المبني على قراءات أجهزة الفحص الفيزيائية يتطابق تماما مع ما ورد في المدونات السومرية. بيد أن الفضل الكبير في اكتشاف أسرار وخبايا الموقع الذي رست فيه سفينة نوح (عليه السلام)NOAH’S ARK, والتوسع في شرح التفاصيل الدقيقة المتعلقة بتلك السفينة ورحلتها الأسطورية, يعزى إلى الباحثين ديفيد فاسولد David Fasold و رون وايت Ron Wyatt, ويعزى أيضا إلى جهود البروفسور التركي أحمد أرسلان الذي تسلق جبل الجودي أكثر من 50 مرة على مدى 40 عام لاستطلاع موقع السفينة, حيث جاءت إحداثيات الموقع المكتشف تحت جبل الجوديّ مطابقة تماما للموقع الذي ورد ذكره في القرآن الكريم. قال تعالى (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود: 44).
وكانت الصور التي رسمتها أجهزة الرادار على عمق خمسة وسبعين قدماً أسفل الجزء الخلفي من السفينة واضحة جداً لدرجة أنه يمكن عد أضلاع السفينة والتعرف على سطوحها وقواطعها الداخلية.
وقد تناول العلماء دراسة وفحص معظم أجزاء السفينة وتوصلوا إلى مجموعة من الحقائق المبنية على الأسس العلمية الصحيحة, إلا أننا سنتطرق هنا إلى موضوع المراسي (المخاطيف) التي استخدمت في السفينة. فقد كان السومريون أول من صمم المرساة البحرية, وأطلقوا عليها اصطلاح (أنجر)، وكان الغرض من ابتكار المرساة تثبيت السفينة. وتلفظ الجيم فيه على أصلها السامي. وقد رصد الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري هذه اللفظة، وصرح بعراقيتها.
قال: (والأنجر مرساة السفينة، وهو اسم عراقي)، و يعود هذا اللفظ إلى الجذر (نجر)، ومعناه معروف. وقد فصل الخليل طريقة صناعة الأنجر واستخداماته، وزعم أن اللفظ عراقي بدليل على عدم سماعه له في غير العراق، ومعروف سكنى الخليل في البصرة، ومنها اطلع على كثير من الألفاظ العراقية التي رصدها في معجمه (العين).
وورد في معجم مختار الصحاح:
(رَسَا الشيء ثبت وبابه عدا, و مَرْسىً أيضا بفتح الميم, ورَسَتِ السفينة وقفت على الأنجر وبابه عدا وسما , قال الأزهري في (ن ج ر) الأنجر مرساة السفينة وهو اسم عراقي). وقد تبين لنا من خلال البحث في هذا الموضوع أن هذه التسمية لها جذور عميقة في اللغات العراقية القديمة الضاربة في عمق التاريخ, فهي من رواسب اللغات السومرية والاكدية والآرامية, إذ ورد في CAD(1) p: A18 & E11 مادة Angurrum، وتلفظ Engurrum أيضا، وتعني الثقل الغاطس تحت الماء، ومما يقوي هذا الرأي ورودها في اللغة المندائية أيضا Angara، بمعنى الأنجر(M،p:25).
وقد تسرب اللفظ إلى الإنجليزية، بتغيير بسيط لا يكاد يذكر، فهم يطلقون على المرساة Anchor نقلاً عن العربية وتلفظ (أَنْكَرْ)(2), وتسربت قبلها إلى اللاتينية ومنها إلى اليونانية حيث يطلقون على المرساة (nkara), ولا ندري متى تسرب هذا اللفظ إلى كل لغات العالم المتحضر؟!, لكن الثابت لدينا أن هذه الكلمة مقتبسة من لغات حضارة وادي الرافدين (الميزوبوتيميا), وهو المكان الذي صنعت فيه سفينة سيدنا نوح وانطلقت منه.
أما الفعل (رسا), (يرسو), (رسوا), و(رسوا), فمعناه ثبت وقر, من مثل قولهم (رست السفينة), أي توقفت عن الحركة في الماء على الأنجر (وهو مرساة السفينة), وفي هذا المعنى يقول ربنا (تبارك وتعالى) في محكم كتابه: }وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ| (هود: 41).
وكان أَنْكَرْ السفينة يصنع في العراق وحوض الخليج العربي بأن تؤخذ خشبات يخالف بينها وبين رؤوسها وتشد أوساطها في موضع واحد، ثم يفرغ بينها رصاص منصهر, فيصير كأنه صخرة ورؤوس الخشب ناتئة, وهناك نوع آخر من مراسي السفينة يطلق عليه محليا (السن), وهو عبارة عن قطعة من الحجارة الصلبة, مثلثة الشكل يثقب طرفها المدبب لكي توضع فيه سلسلة حديدية قصيرة، كما تثقب قاعدته لكي توضع حديدة السن التي ترتفع قليلا عن سطحه من الجهتين لتمسك بقيعان البحر, ويربط السن بحبل طويل يعرف باسم (الخراب) لكي يمسك السفينة عندما تصل إلى المرسى. وقد تم العثور على عدد من هذه المراسي المصنوعة من الحجارة قرب موقع سفينة سيدنا نوح على جبل الجودي في تركيا, لكنها أكبر من حيث الحجم من النوع الذي استخدمته السفن الخليجية القديمة.
كانت المرساة البحرية أول القطع التي اكتشفت على مشارف جبل الجودي. حيث عثر العلماء على عدد كبير من المراسي المصنوعة من الأحجار الكبيرة قرب قرية قازان التركية Kazan. وهذه القرية (وتعني بالعربية الوعاء الكبير) تقع شمال صخرة عملاقة يطلق عليها تسمية باللغة التركية (مثوى الأبطال), يعتقد بأنها استخدمت كمرسى مؤقت لسفينة سيدنا نوح بانتظار ظهور منطقة صالحة كمرفأ. في حين أكد الطوبوغرافيون إن قيام السفينة بإلقاء مراسيها قرب جبل الجودي Mt. Cudi (Judi), وعلى مقربة من الصخرة العملاقة, يمثل اقتراب موعد نهاية الرحلة الملحمية, ووصول السفينة إلى بر الأمان.
وعثر في قرية تركية يطلق عليها اسم (قرية الثمانية) على العديد من المراسي الحجرية مبعثرة على ارتفاع آلاف الأقدام فوق مستوى سطح البحر, وعلى بعد مئات الكيلومترات من أقرب ساحل بحري, وقد حفر على بعضها علامة الصليب (ثمانية صلبان), ويعود حفر علامة الصليب إلى الفترة البيزنطية وإلى فترة انتشار الديانة المسيحية في المنطقة للدلالة على أن أتباع السيد المسيح ـ عليه السلام ـ اكتشفوا هذه المراسي الحجرية وتعرفوا عليها في الحقبة التي سبقت ظهور الإسلام.(3)
في البداية عثر الفريق الاستكشافي على 13 مرساة مبعثرة على امتداد خط افتراضي متجه إلى موقع سفينة سيدنا نوح (عليه السلام) مما يدل على أن سيدنا نوح باشر بتقطيع حبال المراسي والتخلص منها عندما أحس بانحسار الماء قبيل جنوح سفينته في الموقع الذي استقرت عليه, فقد أمر الله الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تُقلعَ عن المطر، (وَغِيضَ الْمَاءُ) أي:شرع في النقص، (وَقُضِيَ الأمْرُ) أي:فُرغَ من أهل الأرض قاطبة، ممن كفر بالله، لم يبق منهم دَيّار، (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وأبقى الله سفينة نوح ـ عليه السلام ـ على الجُودي عِبرة وآية للناس جميعا، وكم من سفينة قد أبحرت بعدها فهلكت، وصارت حطاما.
وعلى مقربة من قرية الثمانية تقع قرية أخرى يترجم اسمها إلى (لن يصمد الغراب), تعقبها قرية أخرى يطلق عليها محليا اسم يترجم إلى (هنا تم عكس المجاديف), إن هذه القرى الثلاثة والتي تقع على امتداد الخط الواصل إلى موقع السفينة, والتي تحمل أسماء تاريخية توثق الوقائع التي حدثت على ظهر السفينة قبيل استقرارها على الجودي, تعتبر بمثابة دلائل أكيدة على خط سير السفينة قبيل جنوحها, فقد مرت السفينة من هنا واجتازت النقاط الثلاثة التي حملت توقيع ربان السفينة (سيدنا نوح), ويمكننا الاستنتاج أيضا أن السفينة بدأت بتخفيض سرعتها والاستعداد للجنوح الآمن على منطقة ملائمة لها تماما بإذن الله. (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (سورة هود: 48). كانت كل مرساة مثقوبة من الأعلى بطريقة تنم عن دراية ودقة في الصنع, ولا نعرف لحد الآن نوع التقنيات التي استخدمت في التثقيب.
وعثر لحد الآن على 13 مرساة من أصل 24 مرساة يفترض العلماء وجودها على ظهر سفينة نوح (عليه السلام), أما مرابط المراسي الموجودة على السفينة فهي عبارة عن مقاطع اسطوانية مصنوعة من الحديد ثبتت على جسد السفينة في أماكن منتخبة بعناية, ويبدو أن المراسي الحجرية هي التي كانت سائدة في العصور القديمة, فقد تم العثور على مرساة حجرية فرعونية مرمية على الساحل اللبناني تزن 188 كيلو غرام ونصف الكيلو, وتعود إلى عام 2200 قبل الميلاد, وهذه المرساة الحجرية محفوظة الآن في المتحف الوطني ببيروت, وعثر على الكثير من المراسي الحجرية في مناطق متفرقة من سواحل البحر الأبيض المتوسط وكانت أوزانها تتراوح بين 700 ــ 500 كغم, ويتراوح ارتفاعها بين 1,1 ــ 1,2 متر, وتميزت المراسي البابلية القديمة بصغرها وشكلها المثلث, أما المراسي الفولاذية فلم يتم استخدامها إلا بعد عام 1200 قبل الميلاد, وتتناسب أوزان المراسي الحجرية تناسبا طرديا مع حجم السفينة, فكلما كانت السفينة أكبر حجما كانت مراسيها الحجرية أكبر وزنا.(4)
لكن المراسي الحجرية التي تم العثور عليها في موقع سفينة نوح (ع) تضاهي من حيث الوزن والحجم جميع المراسي الحجرية التي عثر عليها لحد الآن, إذ يبلغ معدل ارتفاع مراسي سفينة نوح حوالي 2,5 متر, في حين تتراوح أوزانها بين 4 إلى 10 أطنان, ويؤكد الباحث ديفيد فاسولد, وهو من أبرز المستكشفين الذين تخصصوا في هذا الموضوع ,على أن هذه المراسي هي التي أشار إليها الله تعالى في محكم كتابه في سورة هود, وهي تمثل إحدى معجزات القرآن الكريم(5), (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (هود 41).
الموقــع الدقيــق لسـفينة سيدنا نــوح ومراسيها
خط الطول
خط العرض الارتفاع
موقع مراسي السفينة 43 559 39 537
موقع مقدمة السفينة 39 526 44 514 6,575 ft
موقع منتصف السفينة 39 526 44 514 6,524 ft
موقع مؤخرة السفينة 39 526 44 514 6,449 ft
واقتصرت وظيفة المراسي الحجرية الثقيلة لهذه السفينة العملاقة على ضبط توازن السفينة, والمناورة الملاحية المحدودة, وضمان صمود السفينة بوجه الأمواج العاتية, وعلى الملاحة المتقاطعة مع التيارات العرضية. لكن الأسئلة المحيّرة الذي اقَضَت مضاجع الباحثين, هي: كيف صنعت هذه المراسي الحجرية؟, وما هي الوسيلة المستخدمة في رفعها والتحكم بها؟؟, وكيف تم تجهيز السفينة بهذه الأحجار الصخرية الثقيلة, والتي لم تكن موجودة في جنوب وادي الرافدين, وما هي التقنية التي اعتمدت في تثقيبها. ويأتي الجواب الإلهي واضحا دقيقا في القرآن الكريم, إذ ينادي النبي الكريم نوح ربه فيأتيه الفرج (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً، فالتقى الماء على أمر قد قُدِرَ، وحملناه على ذات ألواح ودسرٍ) وتصور معي بقلب بصيرتك كيف تدفق الماء من السماء بما لا يتخيله البشر، وأن الأرض كلها تفجرت أنهاراً ضخمة تخرج ما في بطنها من ماء يعلو ويعلو ..
إن أكبر السفن سوف تغوص ويبتلعها البحر مهما كانت ضخمة الحجم ومحكمة الصنع حين تتجاذبها أمواج كالجبال (وهي تجري بهم في موج كالجبال)، بل تكسرها بلطمة من موجة عملاقة فتحطمها، فكيف وأنهار بل بحارٌ من ماء السماء تتصل ببحار الأرض؟!! وأنى لهذه السفينة البدائية إذا ما قورنت بسفن هذا العصر العملاقة أن تظل فوق الماء وبين الماء دون أن تتلاشى؟! ...
إن رب الماء والأرض والسماء يقول: (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا) وقال في مسير الفلك بأمانه سبحانه (تجري بأعيننا) إنها رعاية الله وعنايته ورحمته بالمؤمنين(6).
yasso- عضو نبتيتى نشيط
- عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 30/09/2009
رد: مراسي سفينة سيدنا نوح عليه السلام
ميرسى يا ياسر على المعلومات دى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ali.zyada- المدير العام
- عدد المساهمات : 658
تاريخ التسجيل : 14/09/2009
رد: مراسي سفينة سيدنا نوح عليه السلام
شكرا على الموضوع الرائع و بانتظار القااادم
ahmed shehata- مشرف 5 استارز
- عدد المساهمات : 405
تاريخ التسجيل : 09/10/2009
العمر : 30
الموقع : ahmedshehata2009.ibda3.org
مواضيع مماثلة
» سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
» بعض سنن النبي المصطفي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
» خاتم الانبياء رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
» نوح عليه السلام
» آدم عليه السلام
» بعض سنن النبي المصطفي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
» خاتم الانبياء رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
» نوح عليه السلام
» آدم عليه السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى